المركز القانوني
LCRDYE

حق الإنسان في بيئة صحية

حق الإنسان في بيئة صحية مناسبة

من منظور القانون الدولي

أولا : حقوق التضامن من منظور القانون الدولي

أعلنت العديد من المواثيق الدولية طائفة جديدة من حقوق الإنسان هي ما يعرف بحقوق التضامن على أساس أنها تمثل الجيل الثالث من أجيال حقوق الإنسان، باعتبار أن الجيل الأول يمثل الحقوق اللصيقة بشخصية الإنسان والتي لا يمكن أن يحيا حياة كريمة بدونها، وأول هذه الحقوق هو حق الإنسان في الحياة، ثم حقه في الحرية وحقه في سلامة شخصه، ثم حقه في التقاضي وما يتفرع عنه من حقوق أخرى تثبت للشخص عند اتهامه بجريمة معينة، أو عند لجوئه للقضاء، مثل حقه في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة، واعتبار المتهم بريئا حتى تثبت إدانته قانونا عن طريق محاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع، إلى آخر هذه الطائفة الواسعة من حقوق الإنسان.

وقد ربط فريق من فقهاء الفقه الفرنسي هذه الحقوق بالمبدأ الأول من مبادئ الثورة الفرنسية وهو “الحرية”، فهي حقوق لا تحتاج في قيامها لتدخل الدولة، بل العكس، تحتاج إلى عدم تدخلها إلا لضبط ممارستها ومنع التعرض للأفراد في التمتع بها .

والجيل الثاني لحقوق الإنسان يمثل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تلك الحقوق التي تحتاج إلى تدخل إيجابي من الدولة بهدف تقديم خدمات وتهيئة مناخ يتيح للأفراد أن يتمتعوا بهذه الحقوق، فالدولة تساعدهم بشكل جدي في التمتع بهذه الحقوق وممارستها . وأول هذه الحقوق هو حق العمل، وهو يعني “حق الدول الأطراف في العهد الحالي في العمل الذي يتضمن حق كل فرد في أن تكون أمامه فرصة كسب معيشته عن طريق العمل الذي يختاره أو يقبله بحرية . وتتخذ هذه الدول الخطوات المناسبة لتأمين هذا الحق”([1]) .

ولا أدل من ضرورة التدخل الإيجابي للدولة لنيل هذا الحق مما ورد في الفقرة الثانية من المادة السادسة من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، من أنه: “تشمل الخطوات، التي تتخذها أي من الدول الأطراف في العهد الحالي للوصول إلى تحقيق كامل لهذا الحق، وبرامج وسياسات ووسائل للإرشاد والتدريب الفني والمهني من أجل تحقيق نمو اقتصادي واجتماعي وثقافي مطرد، وعمالة كاملة ومنتجة في ظل شروط تؤمن للفرد حرياته السياسية والاقتصادية ” .

والحق الثاني في هذه الطائفة من الحقوق هو حق الفرد في الضمان الاجتماعي .

والحق الثالث هو حق الفرد في مستوى معيشي مناسب لنفسه ولعائلته بما في ذلك الغذاء المناسب والملبس والمسكن .

ويدخل في هذه الطائفة من الحقوق الحق في التعليم وفي الثقافة، والحق في الحياة في ظل أسرة قويمة، إلى غير ذلك من الحقوق التي نجد تفصيلا واسعا لها في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الصادر عن الأمم المتحدة عام 1966م .

ويهمنا في هذا الصدد أن نركز على الجيل الثالث من أجيال حقوق الإنسان أو ما يعرف بحقوق التضامن، وتتميز هذه الحقوق بما يلي :

  • أنها تحتاج إلى التعاون بين مختلف الدول والشعوب لضمان قيامها ولكفالة تمتع الأفراد بها . وهكذا نرى أن جهود الدولة وحدها لا يمكن أن توفرها، بل يجب أن تتضافر الجهود الدولية لكفالتها. ونقصد بالجهود الدولية هنا جهود الدول والمنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة، بل والمنظمات الإقليمية كذلك .
  • أنها تفترض تعاونا كبيرا، ونوعا من التكافل بين الأسرة الدولية، أي إنها تفترض تخلي الدول عن سلبيتها وعيش كل واحد منها داخل حدودها، وذلك يفرض تغييرا في بناء القانون الدولي التقليدي وأهدافه، فلم يعد مقبولا أن يكون هدف القانون الدولي مجرد إبعاد الدول عن بعضها البعض حتى لا تتحارب، بل إن هدفه الآن هو تقريب الدول من بعضها البعض حتى تتعاون وتحقق المصالح المشتركة فيما بينها([2]) .
  • أن هذه الطائفة الجديدة من الحقوق تتطلب الاعتراف بالدول النامية أو دول العالم الثالث كأشخاص قانونية تحتاج إلى حماية خاصة، ذلك أنها الآن الطرف الضعيف في العلاقات الدولية، وبالتالي لا يمكن إقرار قواعد عامة تطبق على كل الدول في المجالات التي تتعلق بحقوق التضامن.

ولشرح هذه المسألة، نقول: إن هناك هوة واسعة في الدخول بين مجموعة الدول المتقدمة ومجموعة الدول النامية . فالدول المتقدمة وعددها في العالم حوالي 18 دولة تحصل تقريبا على 80% من إجمالي الدخل العالمي، بينما باقي الدول وهي أكثر من 180 دولة تحصل على الباقي وهو 20% ويصاحب الفقر المنتشر في الدول النامية أشد أعداء الإنسانية وهي الجهل والمرض. وبالتالي فهي تحتاج إلى قواعد للتعامل تراعي ظروفها في العلاقات الدولية([3]) .

وقد بدأت تتكون قواعد دولية – في مجال توزيع التراث المشترك للإنسانية من ثروات أعالي البحار- تقرر امتيازات خاصة للدول النامية وحصولها على نصيب من الثروات غير الحية مثلا، ولو لم تكن لديها القدرات على الاستغلال الفني لهذا التراث .

كما بدأت توجد قواعد تميز لصالحها في التجارة الدولية بفرض حماية خاصة لأسعار المواد الأولية التي تتخصص هذه الدول في إنتاجها، وبتشجيعها على إقامة الاتحادات التجارية والتكتلات الاقتصادية لهذا الخصوص.

  • أن هذه الحقوق تحتاج إلى تقديم مساعدات من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة .

وهذه المساعدات يجب أن تشمل :

  • تدفق نقدي من أموال الدول الغنية إلى الدول الفقيرة بما لا يقل عن 1% من دخل الدول الغنية، كما ورد في أكثر من توصية للجمعية العامة للأمم المتحدة .
  • مساعدات فنية للدول النامية لإقامة مشروعات البنية الأساسية والإسراع بجهود التنمية فيها، حتى تستطيع أن تنتج الغذاء والكساء والدواء الذي تحتاج إليه شعوبها .
  • مساعدات عن طريق التجارة وهي كثيرة منها -تسعير منتجاتها من المواد الأولية- تسعيرا عادلا، وإزالة القيود المفروضة على تصدير منتجاتها إلى الدول الغنية، وعدم إغراق أسواقها بمنتجات تنافس منتجاتها. وبالجملة يجب ألا تخضع الدول النامية لقواعد المساواة والمنافسة الحرة في المجال التجاري الدولي لأن المساواة هنا لا تكون بين متكافئين، وبالتالي تحمل الدول النامية مسئوليات لا تقدر على الوفاء بها

ثانيا : الحق في بيئة صحية سليمة في منظومة حقوق التضامن:

تضمن الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب سبقا عن المواثيق الدولية الأخرى فيما يتصل بحقوق التضامن، ربما لظروف القارة الأفريقية التي يسود فيها التخلف الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وما تفرضه هذه الظروف من الحاجة إلى التضامن والتعاون الدوليين لتنمية القارة الأفريقية، ولكفالة التمتع بمختلف الحقوق والحريات المقررة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، سواء الفردية أو الجماعية . ويتضح ذلك مما جاء في ديباجة “الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب” فقد جاء به أن الدول الأعضاء في منظمة الوحدة الأفريقية إذ تؤكد مجددا تعهدها الرسمي الوارد في المادة (2) من الميثاق بإزالة جميع أشكال الاستعمار من أفريقيا، وتنسيق وتكثيف تعاونها وجهودها لتوفير ظروف حياة أفضل لشعوب أفريقيا وتنمية التعاون الدولي، آخذة في الحسبان ميثاق منظمة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وإذ تعرب عن اقتناعها بأنه قد أصبح من الضروري كفالة اهتمام خاص للحق في التنمية، وبأن الحقوق المدنية والسياسية لا يمكن فصلها عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” وقد صاغ الميثاق حقوق التضامن على النحو الآتي :

مادة (20) :

  • لكل شعب الحق في الوجود، ولكل شعب حق مطلق وثابت في تقرير مصيره، وله أن يحدد بحرية وضعه السياسي، وأن يكفل تنميته الاقتصادية والاجتماعية، على النحو الذي يختاره بمحض إرادته .
  • للشعوب المستعمرة المقهورة الحق في أن تحرر نفسها من أغلال السيطرة باللجوء إلى كافة الوسائل التي يعترف بها المجتمع الدولي .
  • لجميع الشعوب الحق في الحصول على المساعدات من الدول الأطراف في هذا الميثاق، في نضالها التحرري ضد السيطرة الأجنبية، سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم ثقافية .

مادة (21)

  • تتصرف جميع الشعوب بحرية في ثرواتها ومواردها الطبيعية، ويمارس هذا الحق لمصلحة السكان وحدهم . ولا يجوز حرمان شعب من هذا الحق بأي حال من الأحوال.
  • في حالة الاستيلاء على أموال الشعوب من الاستعمار، يكون للشعب الذي تم الاستيلاء على ممتلكاته الحق المشروع في استردادها وفي التعويض الملائم .
  • يكون التصرف الحر في الثروات والموارد الطبيعية دون مساس بالالتزام بتنمية تعاون اقتصادي دولي قائم على أساس الاحترام المتبادل والتبادل المنصف ومبادئ القانون الدولي .

مادة (22)

  • لكل شعب من الشعوب الحق في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع الاحترام التام لحرية الشعوب وذاتيتها والتمتع المتساوي بالتراث المشترك للجنس البشري .
  • من واجب الدول بصورة منفردة أو بالتعاون مع الآخرين ضمان ممارسة حق التنمية .

مادة (23)

  • للشعوب الحق في السلام والأمن على الصعيدين الوطني والدولي وتحكم العلاقات بين الدول ومبادئ التضامن والعلاقات الودية التي أكدها ضمنيا ميثاق الأمم المتحدة، وأكدها مجددا ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية .

مادة (24)

لكل الشعوب الحق في بيئة مرضية وشاملة وملائمة لتنميتها .

وهكذا يبين الميثاق حقوق الشعوب أو حقوق التضامن ويهمنا منها ما جاء في المادة 20/3 من تقرير حق الشعوب في الحصول على المساعدات من الدول الأطراف في الميثاق، وحقها في الكفاح ضد السيطرة الأجنبية سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية، وحقها في السيادة الدائمة على مواردها الطبيعية وفي استرداد ما سلبه الاستعمار منها والتعويض عنه . كذلك قرر الميثاق حقين مهمين هما الحق في التنمية، والحق في بيئة صحية شاملة وملائمة لتنميتها

وقد أقرت الأمم المتحدة في العديد من إعلاناتها ومؤتمراتها الحق في بيئة صحية سليمة ومناسبة، وكذلك سائر حقوق التضامن . وقد أوردنا هذا الحق في الإطار العام الذي جاء فيه حيث تم الربط بينه وبين حقوق الشعوب في حياة كريمة بشكل عام، وفي التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي العيش في سلام تام والتحرر من الاستعمار والهيمنة الاقتصادية([4]) .

ثالثا : الأساس القانوني للحق في بيئة صحية

نستطيع أن نجد أساس هذا الحق الجديد، في العديد من الحقوق التي أقرتها القوانين والعهود والمواثيق الدولية . فهناك إجماع على كفالة حق الفرد في الحياة وفي سلامة بدنه وجسده، ولا يمكن للإنسان التمتع بهذا الحق إلا إذا عاش في بيئة صحية سليمة، إذ إن تلوث البيئة بصوره المختلفة وعناصره التي تنال من سلامة الهواء أو الماء أو الطعام بشكل عام، لا يمكّن الإنسان من ممارسة حقه في الحياة وفي سلامة بدنه على الوجه الأكمل، وذلك يجعل سلامة البيئة مسألة ضرورية للتمتع بالحق في الحياة وفي سلامة الجسد. وكذلك نجد أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وللحقوق المدنية والسياسية وهي وثائق تتمتع بقوة إلزام واضحة، تقرر مجموعة من الحقوق المتصلة بالبيئة الصحية، منها: حق الفرد في مستوى معيشي مناسب لنفسه ولعائلته بما في ذلك الغذاء المناسب والملبس والمسكن، وكذلك حقه في تحسين أحواله المعيشية بصفة مستمرة، ذلك ما نصت عليه (المادة 11) من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية . كذلك قررت هذه المادة في فقرتها الثانية ما يلي:

  • تقر الدول الأطراف في العهد الحالي بحق كل فرد في مستوى معيشي مناسب لنفسه ولعائلته . بما في ذلك الغذاء المناسب والملبس والمسكن، وكذلك له حق في تحسين أحواله المعيشية بصفة مستمرة . وتقوم الدول الأطراف باتخاذ الخطوات المناسبة لضمان تحقيق هذا الحق، مع الإقرار بالأهمية الخاصة للتعاون الدولي القائم على الرضاء الحر في هذا الشأن .
  • تقوم الدول الأطراف في العهد الحالي، إقرارا منها بالحق الأساسي لكل فرد في أن يكون متحررا من الجوع، منفردة أو من خلال التعاون الدولي، باتخاذ الإجراءات بما في ذلك البرامج المحددة والتي تعتبر ضرورية
    • من أجل تحسين وسائل الإنتاج وحفظ وتوزيع الأغذية وذلك عن طريق الانتفاع الكلي من المعرفة التقنية والعلمية المعرفة بمبادئ التغذية وبتنمية النظم الزراعية أو إصلاحها، بحيث يحقق ذلك أكبر قدر من الكفاءة في التنمية والانتفاع من الموارد الطبيعية .
    • من أجل تأمين توزيع عادل للمؤن الغذائية في العالم تبعا للحاجة، مع الأخذ بعين الاعتبار مشكلات الأقطار المستوردة للأغذية والمصدرة لها .

والمادة (12) من هذا العهد ذات أهمية كبيرة في شأن تقرير حق الإنسان في الحياة وفي بيئة صحية مناسبة، فقد نصت على :

  • تقر الدول الأطراف في العهد الحالي بحق كل فرد في المجتمع في الحصول على أعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية .
  • تشمل الخطوات التي تتخذها الدول الأطراف في العهد الحالي للوصول إلى تحقيق كلي لهذا الحق ما هو ضرورى من أجل :
    • العمل على خفض نسبة الوفيات في المواليد وفي وفيات الأطفال، من أجل التنمية الصحية للطفل.
    • تحسين شتى الجوانب البيئية والصناعية .
    • الوقاية من الأمراض المعدية والمتفشية والمهنية ومعالجتها .
    • إتاحة المناخ والظروف التي تؤمن الخدمات والعناية الطبية في حالة المرض

رابعا : القانون الدولي للبيئة

إن التطورات التي جرت في الواقع في مجال البيئة وتلويثها، قد أظهرت بوضوح أهمية إقرار هذا الحق، حق الحياة في بيئة صحية مناسبة بشكل قوي، حتى إن فرعا جديدا من فروع القانون الدولي بدأ في التكوين الآن أطلق عليه مصطلح “القانون الدولي للبيئة” وهو يستهدف تبني مجموعة من القواعد والمبادئ الملزمة للدول والأفراد لتجنب تلوث البيئة بعناصرها الثلاثة الأرض والهواء والمياه . وهي تنظر بعين الاعتبار إلى اتساع ثقب الأوزون بسبب الغازات التي تصل إليه من الاستخدامات الصناعية للغازات السامة، وبأسباب تلويث البحار بالزيت، ووضع مواد عضوية في المياه، وغير ذلك من وسائل التلوث([5]) .

ولسنا هنا في مجال التوسع في شرح هذا القانون، ويكفي أن نقول إن كل الدول الآن تضع في تشريعاتها نصوصا تحمي البيئة وتمنع الإنسان من تلويثها كما أشير إلى أن لجنة القانون الدولي قد جعلت الإساءة إلى البيئة بأي شكل من قبيل الجرائم الدولية التي يجب أن تتضافر جهود المجتمع الدولي، ليس لمنعها فحسب، بل للمعاقبة على القيام بها.

والحق كما هو معلوم مصلحة للشخص يحميها القانون ومصلحة الإنسان في أن يعيش في بيئة صحية مناسبة من أقوى المصالح في القوانين الدولية والداخلية على حد سواء، وذلك للأسباب الآتية :

  • إنه لا يمكن أن يحافظ الإنسان على حياته سليماً معافى إلا إذا قرر له هذا الحق، ومعلوم أن الحق في الحياة هو جوهر حقوق الإنسان، وقوام التمتع بها .
  • إن الحق في بيئة صحية يستند إلى حق الإنسان في سلامة جسده وهو بدوره أهم الحقوق الرئيسية للعيش في أمان وارتياح .
  • إن القوانين الدولية والداخلية تولي عناية فائقة لسلامة البيئة التي يعيش الإنسان فيها، ومن ثم فإن هذه القوانين قد أنتجت حقا جديدا نسبيا للإنسان في أن تكون البيئة التي يعش فيها بيئة صحية صالحة . وردت تفصيلات واسعة لهذا الحق في المواثيق والإعلانات الدولية الحديثة الصادرة عن الأمم المتحدة وعن منظمة الصحة العالمية، وكذا عن الإعلانات العديدة التي صدرت في المؤتمرات التي تعالج شئون الأرض والبيئة والصحة بشكل عام . لذا نستطيع أن نؤكد من الوجهة القانونية أننا بصدد حق يسانده القانون للإنسان في أن يعيش في بيئة صحية مناسبة .

ونحن نركز هنا على أن لكل حق بالضرورة وسائل لكفالة تحقيقه للإنسان ولحمايته من أي مساس به . وقد وجدنا قوانين عديدة للبيئة في داخل جميع الدول المتحضرة تتذرع بالقانون الجنائي لتجريم المساس بالبيئة، مثل القانون الجنائي المصري، ونفس الوضع في القانون الدولي حيث اعتبر الاعتداء الجسيم على البيئة باستخدام أسلحة محظورة أو باستخدام الأسلحة التقليدية بشكل يسيء إلى البيئة من قبيل الجرائم الإرهابية في تقنين لجنة القانون الدولي وكذلك في كافة الاتفاقيات الحديثة التي جرمت الإرهاب .

وهكذا يستطيع الشخص العادي “الإنسان” أن يلجأ إلى سلطة القانون كلما احتاج إلى حماية حقه في الحياة في بيئة صحية مناسبة، فيطلب من الدولة منع المساس بهذا الحق، ويطلب عقاب المسيء في نفس الوقت([6]) .

الهوامش:

———————————————————————————————-

([1]) أ.د جعفر عبد السلام: القانون الدولي لحقوق الإنسان ، الدار اللبنانية للطباعة والنشر – القاهرة – طبعة 2000م ص 4 وما بعدها .

([2]) أ.د جعفر عبد السلام ، الإطار القانوني للتنمية الاقتصادية – مركز البحوث والتنمية ، جامعة الملك عبد العزيز – جدة – طبعة 1977م ص 103 وما بعدها .

-([3]) أ.د جعفر عبد السلام ، المرجع السابق ص 77 وما بعدها .

([4]) أ.د جعفر عبد السلام ، المنظمات الدولية ، الطبعة السادسة 1996م دار النهضة العربية ، ص 90 وما بعدها .

([5]) – راجع تفصيلات ذلك : الدكتور صلاح الدين عامر ، القانون الدولي للبيئة ، القاهرة – دار النهضة العربية – طبعة 1997م ص 3 وما بعدها

([6]) دكتور محمود العادلي ، موسوعة حماية البيئة ، دار الفكر الجامعي الإسكندرية 2003م ص 23 ص 30 وما بعدها . وراجع للدكتور محمد بركات ، الإسلام والبيئة ، طبعة 2003م ص 50 وما بعدها .