المركز القانوني
LCRDYE

حق الإنسان في السكن الملائم

الحق في السكن الملائم

1- بموجب المادة 11(1) من العهد، “تقر الدول الأطراف بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية”. وإن حق الإنسان في السكن الملائم، الناتج عن الحق في التمتع بمستوى معيشي كاف، يتسم بأهمية أساسية بالنسبة للتمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

2- وقد استطاعت اللجنة أن تجمع قدرا كبيرا من المعلومات المتصلة بهذا الحق. فمنذ عام 1979، نظرت اللجنة، والهيئات السابقة لها، في 75 تقريرا تعالج الحق في السكن الملائم. كما خصصت اللجنة يوما للمناقشة العامة لهذه المسألة في كل من دورتيها الثالثة (انظر E/1989/22، الفقرة 312) والرابعة (E/1990/23، الفقرات 281-285). يضاف إلى ذلك أن اللجنة قد أحاطت علما بعناية بالمعلومات التي تمخضت عنها السنة الدولية لإيواء المشردين (1987)، بما في ذلك الاستراتيجية العالمية للمأوى حتى عام 2000 التي اعتمدتها الجمعية العامة في قرارها 42/191 المؤرخ في 11 كانون الأول/ديسمبر 1987([1]). كما استعرضت اللجنة التقارير ذات الصلة وغيرها من وثائق لجنة حقوق الإنسان واللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات([2]).

3- وبالرغم من أن هناك مجموعة متنوعة واسعة من الصكوك الدولية التي تعالج مختلف أبعاد الحق في السكن الملائم([3])، فإن المادة 11(1) من العهد تمثل الحكم الأشمل ولربما الأهم من الأحكام ذات الصلة.

4- وعلى الرغم من قيام المجتمع الدولي على نحو متكرر بإعادة تأكيد أهمية الاحترام التام للحق في السكن الملائم، فإنه لا تزال هناك فجوة واسعة على نحو مقلق بين المعايير المحددة في المادة 11(1) من العهد والحالة السائدة في الكثير من أنحاء العالم. وفي حين أن المشاكل كثيرا ما تكون حادة بصفة خاصة في بعض البلدان النامية التي تواجه تقييدات كبيرة للموارد وغير ذلك من القيود، فإن اللجنة تلاحظ أن مشاكل ذات شأن متمثلة في انعدام المأوى وعدم كفاية السكن توجد أيضاً في بعض المجتمعات الأكثر تقدما من الناحية الاقتصادية. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن هناك على نطاق العالم أكثر من 100 مليون شخص يفتقرون إلى المأوى وأكثر من مليار شخص يعيشون في مساكن غير ملائمة([4]). وليس هناك ما يدل على أن هذا العدد آخذ في التناقص. ويبدو واضحا أنه ما من دولة من الدول الأطراف إلا وتعاني مشاكل هامة من نوع أو آخر فيما يتعلق بالحق في السكن.

5- وفي بعض الحالات، تضمنت تقارير الدول الأطراف، التي نظرت فيها اللجنة، اعترافا بالصعوبات المواجهة في ضمان الحق في المسكن الملائم واشتملت على وصف لهذه الصعوبات. إلا أن المعلومات المقدمة لم تكن في الغالب كافية لتمكين اللجنة من الحصول على صورة كافية للحالة السائدة في الدولة المعنية. ولذلك، فإن هذا التعليق العام يرمي إلى تحديد بعض المسائل الرئيسية التي تعتبرها اللجنة مهمة فيما يتعلق بهذا الحق.

6- إن الحق في المسكن الملائم ينطبق على جميع الناس. وفي حين أن الإشارة إلى “له ولأسرته” تعبر عن افتراضات فيما يتعلق بأدوار الجنسين وأنماط النشاط الاقتصادي التي كانت مقبولة عموما في عام 1966 عندما تم اعتماد العهد، فإنه لا يمكن قراءة هذه العبارة اليوم باعتبارها تعني فرض أي قيود على انطباق الحق على أفراد أو على أسر معيشية تعيلها نساء أو على جماعات أخرى من هذا القبيل. وهكذا، فإن فكرة “الأسرة” يجب فهمها بالمعنى الواسع. ويضاف إلى ذلك أن من حق الأفراد، وكذلك الأسر، الحصول على مسكن ملائم بغض النظر عن السن أو الوضع الاقتصادي أو الانتماء إلى جماعة أو غيرها أو المركز الاجتماعي وعوامل أخرى من هذا القبيل. وبصفة خاصة، يجب ألا يخضع التمتع بهذا الحق، وفقا للمادة 2(2) من العهد، لأي شكل من أشكال التمييز.

7- وفي رأي اللجنة أن الحق في السكن ينبغي ألا يفسر تفسيرا ضيقا أو تقييديا يجعله مساويا، على سبيل المثال، للمأوى الموفر للمرء بمجرد وجود سقف فوق رأسه، أو يعتبر المأوى على وجه الحصر سلعة. بل ينبغي النظر إلى هذا الحق باعتباره حق المرء في أن يعيش في مكان ما في أمن وسلام وكرامة. وهذا مناسب لسببين على الأقل. ففي المقام الأول، يعتبر الحق في السكن مرتبطاً ارتباطاً كلياً بسائر حقوق الإنسان وبالمبادئ الأساسية التي يقوم عليها العهد. وهكذا، فإن “الكرامة المتأصلة في شخص الإنسان” التي يقال إن الحقوق المبينة في العهد مستمدة منها تقتضي أن يُفسر مصطلح “السكن” تفسيرا يأخذ في الحسبان مجموعة متنوعة من الاعتبارات الأخرى، وبدرجة أهم جدا، أن يُكفل الحق في السكن لجميع الناس بصرف النظر عن الدخل، أو إمكانية حيازة موارد اقتصادية. ثانياً، يجب أن تُقرأ الإشارة الواردة في المادة 11(1) باعتبارها إشارة لا إلى السكن فحسب وإنما إلى السكن الملائم. وكما أعلنت لجنة المستوطنات البشرية وكذلك الاستراتيجية العالمية للمأوى حتى عام 2000: فإن “المأوى الملائم يعني… التمتع بالدرجة الملائمة من الخصوصية، والمساحة الكافية، والأمان الكافي، والإنارة والتهوية الكافيتين، والهيكل الأساسي الملائم، والموقع الملائم بالنسبة إلى أمكنة العمل والمرافق الأساسية – وكل ذلك بتكاليف معقولة”.

8- وهكذا، فإن مفهوم الملاءمة يتسم بمغزى خاص فيما يتعلق بالحق في السكن، إذ إنه يساعد على إبراز عدد من العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار عند تحديد ما إذا كان يمكن النظر إلى أشكال معينة من أشكال المأوى باعتبارها تشكل “سكنا ملائما” لأغراض العهد. وفي حين أن الكفاية تحددها جزئيا عوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية ومناخية وإيكولوجية وغير ذلك من العوامل، فإن اللجنة تعتقد أن من الممكن مع ذلك تحديد بعض جوانب هذا الحق التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار لهذه الغاية في أي سياق معين. وهذه الجوانب تشمل ما يلي:

(أ) الضمان القانوني لشغل المسكن: إن شغل المسكن يتخذ أشكالا مختلفة منها الإيجار (العام والخاص)، والإسكان التعاوني، وشغل المسكن من قبل مالكه، والإسكان في حالات الطوارئ، والاستيطان غير الرسمي، بما في ذلك الاستيلاء على الأراضي أو العقارات. وبصرف النظر عن نوع شغل المسكن، ينبغي أن يتمتع كل شخص بدرجة من الأمن في شغل المسكن تكفل له الحماية القانونية من الإخلاء بالإكراه، ومن المضايقة، وغير ذلك من التهديدات. ولذلك، ينبغي للدول الأطراف أن تتخذ تدابير فورية ترمي إلى توفير الضمان القانوني لشغل المسكن بالنسبة إلى الأشخاص والأسر الذين يفتقرون حاليا إلى هذه الحماية، وذلك من خلال تشاور حقيقي مع الأشخاص والجماعات المتأثرة؛

(ب) توفير الخدمات والمواد والمرافق والهياكل الأساسية: إن المسكن الملائم يجب أن تتوفر له بعض المرافق الأساسية اللازمة للصحة والأمن والراحة والتغذية. وينبغي أن تتاح لجميع المستفيدين من الحق في السكن الملائم إمكانية الحصول بشكل مستمر على الموارد الطبيعية والعامة ومياه الشرب النظيفة، والطاقة لأغراض الطهي والتدفئة والإضاءة، ومرافق الإصحاح والغسل، ووسائل تخزين الأغذية، والتخلص من النفايات، وتصريف المياه، وخدمات الطوارئ؛

(ج) القدرة على تحمل الكلفة: إن التكاليف المالية الشخصية أو الأسرية المرتبطة بالسكن ينبغي أن تكون ذات مستوى يكفل عدم تهديد تلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى أو الانتقاص منها. وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ خطوات لضمان أن تكون النسبة المئوية للتكاليف المتصلة بالسكن متناسبة، بصورة عامة، مع مستويات الدخل. وينبغي للدول الأطراف تقديم إعانات سكن لأولئك الذين لا يستطيعون الحصول على مساكن يمكنهم تحمل كلفتها، فضلا عن تحديد أشكال ومستويات تمويل الإسكان التي تعبر بصورة كافية عن الاحتياجات للسكن. ووفقاً لمبدأ مراعاة القدرة على تحمل التكاليف، ينبغي حماية مستأجري المساكن من مستويات الإيجار أو زيادات الإيجار المرتفعة على نحو غير معقول، وذلك من خلال اعتماد وسائل مناسبة. وفي المجتمعات التي تشكل فيها المواد الطبيعية المصادر الرئيسية لمواد البناء اللازمة لتشييد المساكن، ينبغي للدول الأطراف اتخاذ خطوات لضمان توفر مثل هذه المواد؛

(د) الصلاحية للسكن: إن المسكن الملائم يجب أن يكون صالحا للسكن من حيث توفير المساحة الكافية لساكنيه وحمايتهم من البرد والرطوبة والحر والمطر والريح أو غير ذلك من العوامل التي تهدد الصحة، ومن المخاطر البنيوية وناقلات الأمراض. كما يجب ضمان السلامة الجسدية لشاغلي المساكن. وتحث اللجنة الدول الأطراف على أن تطبق بصورة شاملة “المبادئ الصحية للسكن”([5]) التي أعدتها منظمة الصحة العالمية والتي تعتبر أن السكن يشكل العامل البيئي المرتبط على نحو أكثر تواترا بالحالات المسببة للأمراض في تحليلات الوبائيات؛ أي أن السكن وظروف المعيشة غير الملائمة والمعيبة تكون بصورة دائمة مرتبطة بارتفاع معدلات الوفيات والإصابة بالأمراض؛

(ﻫ) إتاحة إمكانية الحصول على السكن: إن إمكانية الحصول على سكن ملائم يجب أن تكون متاحة لأولئك الذين يحق لهم الاستفادة منها. ويجب أن تتاح للجماعات المحرومة إمكانية الاستفادة بصورة كاملة ومستمرة من موارد السكن الملائم. وهكذا يجب ضمان إيلاء درجة معينة من الأولوية في مجال الإسكان للجماعات المحرومة مثل الأشخاص المسنين والأطفال والمعوقين جسديا والمصابين بأمراض لا شفاء منها والمصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب والأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية مستمرة والمرضى عقليا وضحايا الكوارث الطبيعية والأشخاص الذين يعيشون في مناطق معرضة للكوارث وغيرهم من الجماعات. وينبغي لقوانين وسياسات الإسكان أن تأخذ في الاعتبار الكامل الاحتياجات السكنية الخاصة لهذه الجماعات. وفي العديد من الدول الأطراف، ينبغي أن يكون من الأهداف الرئيسية للسياسة العامة زيادة إمكانية الحصول على الأراضي لصالح قطاعات المجتمع الفقيرة أو التي لا تمتلك أية أراض. وينبغي تحديد التزامات حكومية واضحة ترمي إلى تأكيد حق جميع الناس في الحصول على مكان آمن يعيشون فيه بسلام وكرامة، بما في ذلك الحصول على الأرض كحق من الحقوق؛

(و) الموقع: إن السكن الملائم يجب أن يكون في موقع يتيح إمكانية الاستفادة من خيارات العمل وخدمات الرعاية الصحية والمدارس ومراكز رعاية الأطفال وغير ذلك من المرافق الاجتماعية. وهذا ينطبق على السواء في المدن الكبيرة وفي المناطق الريفية حيث يمكن للتكاليف، من حيث الوقت والمال، التي تترتب على التنقل بين المسكن وموقع العمل أن تفرض ضغوطا مفرطة على ميزانيات الأسر الفقيرة. وبالمثل، فان المساكن ينبغي ألاّ تبنى في مواقع ملوثة أو في مواقع قريبة جدا من مصادر التلوث التي تهدد حق السكان في الصحة؛

(ز) السكن الملائم من الناحية الثقافية: إن الطريقة التي يتم بها بناء المساكن ومواد البناء المستخدمة والسياسات الداعمة لها يجب أن تتيح إمكانية التعبير على نحو مناسب عن الهوية الثقافية والتنوع في السكن. وينبغي للأنشطة الموجهة نحو التطوير أو التحديث في قطاع الإسكان أن تكفل عدم التضحية بالأبعاد الثقافية للإسكان، وتوفير المعدات التكنولوجية الحديثة أيضاً، في جملة أمور، عند الاقتضاء.

9- وكما لوحظ أعلاه، فإن الحق في السكن الملائم لا يمكن أن ينظر إليه بمعزل عن سائر حقوق الإنسان المبينة في العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان وغيرهما من الصكوك الدولية المنطبقة. وقد سبقت الإشارة في هذا الخصوص إلى مفهوم كرامة الإنسان ومبدأ عدم التمييز. ويضاف إلى ذلك أن التمتع الكامل بسائر الحقوق – مثل الحق في حرية التعبير والحق في حرية تكوين الجمعيات (مثل رابطات المستأجرين وغير ذلك من الجماعات المحلية)، وحق الشخص في أن يختار بحرية محلّ إقامته والحق في المشاركة في اتخاذ القرارات العامة – هو أمر لا غنى عنه إذا ما أريد إعمال الحق في السكن الملائم والمحافظة عليه لصالح جميع الفئات في المجتمع. وبالمثل، فإن حق الفرد في ألا يتعرض لأي تدخل تعسفي أو غير مشروع في خصوصياته أو خصوصيات أسرته أو منزله أو مراسلاته يشكل بعدا بالغ الأهمية في تعريف الحق في السكن الملائم.

10- وبصرف النظر عن حالة التنمية في أي بلد من البلدان، فإن هناك خطوات معينة يجب اتخاذها على الفور. وكما هو مسلم به في الاستراتيجية العالمية للمأوى وفي غيرها من التحليلات الدولية، فان العديد من التدابير اللازمة لتعزيز الحق في السكن لا تتطلب سوى امتناع الحكومات عن انتهاج ممارسات معينة والتزامها بتيسير قيام الجماعات المتأثرة بمساعدة نفسها بنفسها. وبقدر ما تعتبر أي خطوات كهذه متجاوزة الموارد القصوى المتاحة لدولة من الدول الأطراف، يكون من المناسب تقديم طلب في أقرب وقت ممكن للحصول على التعاون الدولي وفقا للمواد 11(1) و22 و23 من العهد، وإبلاغ اللجنة بذلك.

11- وينبغي للدول الأطراف أن تولي الأولوية الواجبة لتلك الجماعات من المجتمع التي تعيش في ظل أحوال غير مؤاتية بأن توليها الاعتبار بوجه خاص. وينبغي، في هذه الحالة، ألا توضع السياسات والتشريعات بحيث تفيد تلك الجماعات من المجتمع المحظوظة بالفعل على حساب الجماعات الأخرى. وتدرك اللجنة أن هناك عوامل خارجية يمكن أن تؤثر على الحق في التحسين المستمر لأحوال المعيشة، وأن الأحوال المعيشية الإجمالية في العديد من الدول الأطـراف قـد تردّت خلال الثمانينـات. ومع ذلك، وكما لاحظت اللجنة في تعليقها العام رقم 2 (1990) (E/1990/23، المرفق الثالث)، تظل الالتزامات المبينة في العهد واجبة التطبيق ولربما تتسم بقدر أكبر من الأهمية خلال أوقات الانكماش الاقتصادي، وذلك بالرغم من المشاكل الناجمة عن عوامل خارجية. ولذلك، يبدو للجنة أن حدوث تردٍ عام في الأحوال المعيشية والسكنية، يمكن عزوه مباشرة إلى سياسات الدول الأطراف وقراراتها التشريعية، وفي غياب أية تدابير تعويضية تصحب ذلك، إنما يتعارض مع الالتزامات المحددة في العهد.

12- وفي حين أن أنسب وسيلة لتحقيق الإعمال الكامل للحق في السكن الملائم تتفاوت تفاوتاً كبيراً بين دولة وأخرى من الدول الأطراف، فإن العهد يتطلب على نحو واضح أن تتخذ كل دولة من الدول الأطراف ما يلزم من الخطوات لهذه الغاية. وهذا يتطلب على نحو ثابت تقريبا اعتماد استراتيجية إسكان وطنية تعرّف، حسبما هو مذكور في الفقرة 32 من الاستراتيجية العالمية للمأوى، “الأهداف اللازمة لتهيئة ظروف الإيواء، وتحدد الموارد المتاحة للوفاء بهذه الأهداف، وطريقة استخدام هذه الموارد بصورة مجدية إلى أقصى حد بالقياس إلى التكاليف، وتحدد المسؤوليات والإطار الزمني لتنفيذ التدابير اللازمة”. ولأسباب تتعلق بانطباق الاستراتيجية وفعاليتها، وكذلك من أجل ضمان احترام سائر حقوق الإنسان، ينبغي لهذه الاستراتيجية أن تعكس استشارة ومشاركة جميع المعنيين بالأمر، بمن فيهم الأشخاص الذين لا مأوى لهم والذين يفتقرون إلى السكن الملائم بالإضافة إلى ممثليهم. وعلاوة على ذلك، ينبغي اتخاذ الخطوات التي تضمن التنسيق بين الوزارات والسلطات الإقليمية والمحلية بغية التوفيق بين السياسات ذات الصلة (في مجالات الاقتصاد والزراعة والبيئة والطاقة الخ.) والالتزامات المنصوص عليها في المادة 11 من العهد.

13- وإن الرصد الفعال للحالة فيما يتعلق بالإسكان يمثل التزاماً آخر ذا أثر فوري. ولكي تقوم دولة من الدول الأطراف بالوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 11(1)، لا بد لها من أن تثبت، في جملة أمور، أنها اتخذت كل الخطوات اللازمة، إما بمفردها أو على أساس التعاون الدولي، للتحقق من المدى الكامل لانعدام المأوى وعدم ملاءمة السكن في نطاق ولايتها. وفي هذا الخصوص، فإن المبادئ التوجيهية العامة المنقحة، التي اعتمدتها اللجنة بشأن شكل ومضمون التقارير، (E/C.12/1991/1) تشدد على الحاجة إلى “تقديم معلومات مفصلة عن تلك الجماعات داخل المجتمع التي تعتبر ضعيفة ومحرومة فيما يتعلق بالإسكان”. وهذه الجماعات تشمل بصفة خاصة الأشخاص والأسر الذين لا مأوى لهم، وأولئك الذين يعيشون في مساكن غير ملائمة دون أن تتيسر لهم إمكانية الاستفادة من المرافق الأساسية، وأولئك الذين يعيشون في مستوطنات “غير مشروعة”، وأولئك الذين يخضعون لإخلاء المساكن بالإكراه، والجماعات المنخفضة الدخل.

14- ثم إن التدابير الرامية إلى وفاء دولة من الدول الأطراف بالتزاماتها فيما يتعلق بالحق في السكن الملائم يمكن أن تعكس أي مزيج من التدابير التي تعتبر مناسبة والتي تتخذ في القطاعين العام والخاص. وفي حين أن التمويل العام للإسكان في بعض الدول يمكن أن ينفق على أجدى نحو على البناء المباشر للمساكن الجديدة، ففي معظم الحالات، دلت التجربة على عدم قدرة الحكومات على التغطية الكاملة لحالات العجز في مجال الإسكان من خلال المساكن المبنية بأموال عامة. ولذلك، ينبغي تشجيع قيام الدول بتعزيز “الاستراتيجيات التمكينية” على أن يقترن ذلك بتعهد كامل بالوفاء بالالتزامات المتعلقة بالحق في السكن الملائم. ويتمثل هذا الالتزام أساسا في إثبات كون التدابير المتخذة كافية في مجملها لإعمال هذا الحق لصالح كل فرد في أقصر مدة ممكنة وفقا للموارد القصوى المتاحة.

15- وسيتطلب العديد من التدابير التي سيلزم اتخاذها إجراء تخصيصات للموارد واتخاذ مبادرات من النوع العام في مجال السياسة العامة. إلا أنه ينبغي عدم التقليل من دور التدابير التشريعية والإدارية الرسمية في هذا السياق. وقد وجهت الاستراتيجية العالمية للمأوى (الفقرتان 66-67) الانتباه إلى أنواع التدابير التي يمكن اتخاذها في هذا الخصوص وإلى أهميتها.

16- والحق في السكن الملائم محمي من الناحية الدستورية في بعض الدول. واللجنة في هذه الحالات تهتم اهتماما خاصا بالاطلاع على الأهمية القانونية والعملية لاتباع هذا النهج. ولذلك، ينبغي تقديم تفاصيل عن الحالات المحددة والسبل الأخرى التي ثبتت فيها فائدة هذه الحماية.

17- وتعتبر اللجنة أن العديد من العناصر المكونة للحق في السكن الملائم تتفق على الأقل مع الحكم المتعلق بتوفير سبل الانتصاف المحلية. وتبعا للنظام القانوني، يمكن لهذه المجالات أن تشتمل ولكنها لا تقتصر على: (أ) الطعون القانونية التي ترمي إلى منع العمليات المخطط لها فيما يتصل بإخلاء المساكن أو هدمها، وذلك من خلال أوامر زاجرة تصدر عن المحاكم؛ (ب) الإجراءات القانونية الرامية إلى دفع التعويضات بعد إخلاء المساكن بصورة غير مشروعة؛ (ج) الشكاوى ضد الإجراءات غير المشروعة التي يقوم بها أو يدعمها أصحاب المساكن (العامة أو الخاصة) فيما يتعلق بمستويات الإيجار وصيانة المساكن والتمييز العنصري أو غيره من أشكال التمييز؛ (د) المزاعم المتعلقة بأي شكل من أشكال التمييز في تخصيص وتوفير المساكن؛ (ﻫ) الشكاوى ضد أصحاب المساكن فيما يتعلق بأحوال السكن غير الصحية أو غير الملائمة. وقد يكون من المناسب أيضاً في بعض النظم القانونية بحث إمكانية تيسير إقامة الدعاوى الجماعية في الحالات التي تنطوي على ارتفاع كبير في مستويات انعدام المأوى.

18- وفي هذا الخصوص، تعتبر اللجنة أن حالات إخلاء المساكن بالإكراه تتعارض بداهة مع مقتضيات العهد ولا يمكن أن تكون مبررة إلا في بعض الظروف الاستثنائية جدا ووفقاً لمبادئ القانون الدولي ذات الصلة.

19- وأخيراً، فإن المادة 11(1) تختتم بالتزام الدول الأطراف بالاعتراف “بالأهمية الأساسية للتعاون الدولي القائم على الارتضاء الحر”. ومن الناحية التقليدية فإن نسبة تقل عن 5 في المائة من جميع المساعدات الدولية قد وجهت نحو الإسكان أو المستوطنات البشرية وكثيرا ما تكون الطريقة التي يتم بها تقديم هذا التمويل قاصرة عن تقديم أية مساهمة ذات شأن في معالجة الاحتياجات السكنية للجماعات المحرومة. وينبغي للدول الأطراف، المتلقية والمقدمة للمساعدة على السواء، أن تكفل تخصيص نسبة كبيرة من التمويل لأغراض تهيئة الظروف المفضية إلى توفير السكن الملائم لعدد أكبر من الأشخاص. وينبغي للمؤسسات المالية الدولية التي تشجع تدابير التكيف الهيكلي ضمان ألا تؤدي هذه التدابير إلى الانتقاص من التمتع بالحق في السكن الملائم. وينبغي للدول الأطراف، عند التفكير في طلب التعاون المالي الدولي، أن تسعى إلى تحديد المجالات الوثيقة الصلة بالحق في السكن الملائم والتي يكون فيها للتمويل الخارجي الأثر الأكبر. وينبغي لهذه الطلبات أن تأخذ في كامل الاعتبار احتياجات وآراء الجماعات المتأثرة.

المراجع —————————————

  1. الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة الثالثة والأربعون، الملحق رقم 8، الإضافة A/43/8/Add.1)).
  2. قرارا لجنة حقوق الإنسان 1986/36 و1987/22، وتقريرا السيد دانيلو تورك، المقرر الخاص للجنة الفرعية (E/CN.4/Sub.2/1990/19، الفقرات 108-120؛ وE/CN.4/Sub.2/1991/17، الفقرات 137-139)، وانظر أيضاً قرار اللجنة الفرعية 1991/26.
  3. انظر على سبيل المثال المادة 52(1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 5(ﻫ)`3` من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والمادة 14(2) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والمادة 27(3) من اتفاقية حقوق الطفل والمادة 10 من إعلان التقدم الاجتماعي والتنمية، والفرع الثالث (8) من إعلان فانكوفر للمستوطنات البشرية، 1976 (Report of Habitat: United Nations Conference on Human Settlements). (منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع 76.IV.7 والتصويب، الفصل الأول) والمادة 8(1) من إعلان الحق في التنمية، وتوصية منظمة العمل الدولية بشأن إسكان العمال، 1961 (رقم 115).
  4. جنيف، منظمة الصحة العالمية، 1990.